اخبار وطنية

مجلس النواب يناقش مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة: استقلالية أم تدخل حكومي؟

تباينت المواقف داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، خلال اجتماع خصص للمناقشة العامة لمشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.

وظهرت اختلافات بين فرق الأغلبية التي دافعت عن المشروع باعتباره خطوة ضرورية لتعزيز التنظيم الذاتي للمهنة. وأكدت فرق الأغلبية أيضًا على ضمان شروط الاستقلالية والشفافية. في المقابل، فرق المعارضة، ورغم تثمينها لأهمية هذا النص، انتقدت عددا من المقتضيات التي اعتبرتها “مساسا بالتعددية”.

وخلال هذا الاجتماع، الذي جرى بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، اعتبرت الأغلبية أن المشروع يمنح المجلس الوطني للصحافة صلاحيات متقدمة. هذه الصلاحيات تمكنه من أداء مهامه في تأطير المهنة واحترام أخلاقياتها. في المقابل، رأت المعارضة أن النص في صيغته الحالية يفتقر إلى ضمانات صريحة. تلك الضمانات يمكنها تعزيز المكتسبات التي تحققت على مستوى حرية التعبير.

التجمع الوطني للأحرار
وفي هذا الصدد، قال فريق التجمع الوطني للأحرار إن المشروع يأتي في توقيت تمر فيه الصحافة المغربية بتحديات مهنية واقتصادية وأخلاقية عميقة. هذه التحديات تتطلب من جميع الفاعلين السعي لإيجاد أفضل السبل لتكريس نظام التنظيم الذاتي. كما أكد الفريق أهمية هذا النص القانوني في تمكين المجلس من أداء مهامه على الوجه الأمثل. وأشار إلى أهمية تعزيز احترام أخلاقيات المهنة وتتبع قضاياها.

واعتبر الفريق أن المشروع يوفر الضمانات الضرورية لحماية الصحفيين، ويعزز خيار التنظيم الذاتي للمهنة. أكد الفريق استعداده لتقديم التعديلات المناسبة التي تضمن صيغة أفضل تخدم المهنة وتحمي حرية واستقلالية الصحافة.

الأصالة والمعاصرة
من جانبه، أكد فريق الأصالة والمعاصرة أن المشروع سيساهم في تمكين الجسم الصحافي من إدارة شؤونه باستقلالية وشفافية. أبرز أنه “جاء لسد الفراغات التي ظهرت بعد المصادقة على قانون 2017 من أجل تنظيم المجلس. كذلك، المشروع يسعى لتعزيز الشفافية في انتخاب أعضائه. هذا سيساعد في ضمان استمرارية هذه المؤسسة في ظل مواعيد وطنية مهمة مقبلة”.

وبعد الإشادة بالمقاربة التشاركية التي اعتمدتها الوزارة، ومنح الوقت اللازم للجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة لإعداد المشروع بعد مشاورات موسعة مع مختلف المتدخلين، اعتبر فريق الأصالة والمعاصرة أن مشروع القانون يشكل خطوة أساسية نحو تنظيم قطاع الصحافة. هذا سيساعد في ضمان تهيئة الظروف المادية والمعنوية الكفيلة بحماية الصحافيين وتحقيق حرية ممارسة المهنة.

الاستقلال
بدوره، ثمن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية إيجابية عمل الحكومة بشأن هذا المشروع. وأكد أهمية مواكبة الإصلاحات الكبرى وتعزيز مكانة الصحافة. كما أشاد بالنهج المعتمد في صياغته، ومنهجية اعتماد نتائج عمل اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة. تلك اللجنة قد أجرت مشاورات واسعة مع جميع التنظيمات الصحافية في إطار مقاربة تشاركية.

كما اعتبر أن المشروع منح المجلس صلاحيات جديدة تعزز دوره. أكد الفريق أن من شأن هذا الإصلاح أن يشكل مدخلا أساسيا لمواجهة الصعوبات والاختلالات التي أفرزتها مرحلة التأسيس. الهدف من ذلك هو الارتقاء بمهنة الصحافة وتمكينها من مواكبة دمقرطة الإعلام والتواصل. أيضًا، المشروع يساعد في الحفاظ على استقلاليتها.

الاتحاد الاشتراكي
أما الفريق الاشتراكي، فبعدما شدد على أهمية مشروع هذا القانون باعتباره محطة تشريعية بالغة الأهمية في مسار تأهيل الإعلام الوطني، أبدى تحفظات بشأن إدراج تعيين مندوب حكومي ضمن المجلس ومنح السلطة التأديبية للمجلس. وأكد انفتاحه على المشروع كأساس للبناء. شرط هذا الانفتاح هو ضمان استقلالية المجلس وحماية الصحافيين.

الحركة الشعبية
من جهته، أشار الفريق الحركي إلى أن المشروع يكتسي أهمية خاصة. لكنه في صيغته الحالية، يثير ملاحظات جوهرية على مستوى الشكل والمضمون، خاصة “عدم إشراك الفاعلين والمهنيين والمجتمع المدني بالشكل المطلوب”. وقد أبدى الفريق تخوفه من تقليص صلاحيات الجسم الصحافي.

ودعا الفريق الحكومة إلى الانفتاح على التعديلات المقبلة لضمان جعل المجلس رافعة حقيقية لمهنة الصحافة. كما شدد على أهمية التريث في اعتماد المشروع والحاجة إلى تنظيم لقاء مع المهنيين لمناقشة التعديلات. أكد الفريق على دعم الإصلاح ورفض أي مقاربة تعيد إنتاج نفس الاختلالات.

الاتحاد الدستوري
من جانبه، اعتبر الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي أن مشروع القانون لم يصغ بمعزل عن النقاش العمومي، بل جاء في سياقه. مسجلًا أن إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة تشكل خطوة إيجابية وملحة لتنظيم القطاع. المشروع يعكس سعي الحكومة إلى فتح مرحلة جديدة. هذه المرحلة يجب أن تكون منسجمة مع الدستور. تتضمن إعادة هيكلة المجلس وتقليص عدد أعضائه وإحداث آليات متقدمة للحكامة وتأطير شروط الانتخاب والانتداب بشكل واضح.

التقدم والاشتراكية
وشدد فريق التقدم والاشتراكية من جهته على ضرورة تمتيع الصحافيين بضمانات قانونية قوية. يجب هذه الضمانات أن تشمل الحماية الاجتماعية واحترام قانون الشغل. أكد الفريق على الحاجة إلى توفير عقود عمل تضمن ممارسة المهنة بحرية. وأكد على أهمية حماية المؤسسات الإعلامية في إطار الدستور بما يضمن حرية الصحافة. يجب أيضًا ممارسة العمل الصحافي في ظروف ملائمة.

العدالة والتنمية
أما المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فقد سجلت جملة من الملاحظات، منها عدم خضوع المشروع للتشاور اللازم وغياب ضمانات واضحة للفصل بين المجلس والإشراف الحكومي ومنح المجلس سلطات تأديبية. ولذلك، دعت إلى ضمان استقلاليته ماليا وقانونيا. كذلك، دعت المجموعة إلى ضرورة الإنصات إلى كافة الفاعلين في القطاع.

وزير الثقافة
وتفاعلا مع مداخلات النواب، نوه محمد مهدي بنسعيد بالإجماع الحاصل على أهمية تطوير مجال الصحافة في المغرب. فقد أكد أنه تم منح الحرية التامة لمناقشة المشروع مع جميع الفاعلين.

وبعد أن شدد على أن المغرب حقق قفزة نوعية في مسار استقلالية الصحافة، أوضح بنسعيد أن النقاش الحالي يتمحور حول كيفية الحفاظ على هذا المكتسب. أبرز أن الوزارة تعمل على مواكبة هذا التوجه العام وتعزيزه في إطار المجلس الوطني للصحافة.

وأكد أن إعداد المشروع تم وفق منهجية تشاركية. كما أشار إلى أن الوزارة اشتغلت فقط على الصياغة القانونية للمقترحات التي توصلت بها. نبه إلى ضرورة منح المجلس فرصة كاملة للاضطلاع بدوره. المجلس يجب أن يساهم في تعزيز موقعه، باعتباره هيئة ديمقراطية تمارس مهامها في احترام تام للدستور والاتفاقيات الدولية وآراء شريحة واسعة من الصحافيين والناشرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!