ثلاثة ملوك: قصة وطن: من الاستقلال إلى الريادة في ظل العرش العلوي
الاتجاه السياسي
بقلم
شعيب خميس
في لحظة تاريخية اختلط فيها الحزن بالفخر، أغمض المغرب عينيه على عهدٍ، ليفتحهما على حلم جديد. ففي صباح الإثنين، 10 رمضان 1380 هـ، الموافق لـ26 فبراير 1961، توقف قلب القائد الذي حفر اسمه في وجدان الأمة: جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه. بطل الاستقلال ومؤسس الدولة الحديثة، الذي قاد شعبه بشجاعة وحكمة نحو النور بعد سنوات من الاستعمار الثقيل.
لم تكن تلك اللحظة مجرد نهاية لحياة ملك، بل بداية لمسيرة متواصلة من البناء الوطني. فبين جموع الوداع والدموع التي ملأت أرجاء الوطن،
وقف ولي العهد آنذاك، جلالة الملك الحسن الثاني، شابًا في الحادية والثلاثين من عمره، يحمل في صدره ألم الفقد، وفي عينيه عزيمة استثنائية ووعيًا عميقًا بالمسؤولية. فكان اعتلاؤه العرش ليس فقط استمرارية للشرعية العلوية، بل انطلاقة قوية لمرحلة البناء والتأسيس بعد معركة الاستقلال.
لم يكن انتقال السلطة مجرد تسليم للمقاليد، بل لحظة مفصلية في تاريخ المغرب، عبّرت عن عمق الاستمرارية في المشروع الوطني. تسلم الحسن الثاني المشعل في ظرفية دقيقة، مليئة بالتحديات الإقليمية والدولية، فانكبّ على بناء دولة المؤسسات، وتحديث الإدارة، وتثبيت أركان الدولة الحديثة القائمة على الشرعية والدستور.
ومن قلب الفقد، وُلد عهد جديد. ومن رحيل الأب، نهض الابن ملكًا مؤمناً بمسؤولياته، حاملاً أمانة شعب، ومستمداً من إرث محمد الخامس قوة الرؤية وصدق الالتزام.
واليوم، يواصل جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مسيرة العرش العلوي المجيد، بحكمة راسخة ورؤية متبصرة، جعلت من المغرب نموذجًا في الاستقرار والتنمية المستدامة. فمنذ اعتلائه العرش في 1999، أطلق مشاريع كبرى للإصلاح، وأعطى دفعة قوية للعدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والدبلوماسية الرصينة، حاملاً على عاتقه مسؤولية مواصلة البناء، وترسيخ كرامة المواطن، وتجديد النموذج التنموي الوطني.
وهكذا، تمتد سُلالة المجد من ملك إلى ملك، ومن جيل إلى جيل، تحت راية واحدة موحدة، عنوانها العرش العلوي المجيد، الذي يظل ركيزة الوحدة، وضامن الاستمرارية، ومرآة إخلاص متجدد لهذا الوطن العزيز.