مجتمع

المجلس الأعلى للسلطة القضائية يحدد إجراءات تطبيق العقوبات البديلة

الاتجاه السياسي 

أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية دورية موجهة إلى رؤساء المحاكم ووكلاء الملك والوكلاء العامين للملك والقضاة، حول كيفية ضمان التطبيق السليم لقانون العقوبات البديلة ومرسومه التطبيقي، الذي دخل حيز التنفيذ في غشت الجاري، وذلك في إطار الرؤية الإصلاحية للسياسة الجنائية الوطنية التي تسعى إلى تقليص العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، وتعويضها بعقوبات بديلة ذات طابع إصلاحي وإدماجي.

وتهدف الدورية، التي اطلع {الاتجاه السياسي} على نسخة منها، إلى توحيد المعايير والإجراءات ولفت الانتباه إلى بعض الجوانب العملية التي يتعين إيلاؤها ما تستحقه من عناية خلال المرحلة الأولى من التنزيل، دون المساس باستقلال القضاة في ممارسة مهامهم، وعلى رأسها تحري الدقة والوضوح في تحرير منطوق الحكم الذي يجب أن يتضمن الحكم بالعقوبة الحبسية الأصلية وجميع البيانات الجوهرية المتعلقة بنوع العقوبة البديلة ومدتها وأماكن أو شروط تنفيذها، في حين يجب أن تتضمن المقررات التنفيذية الهوية الكاملة للمحكوم عليه ومراجع الحكم الأصلية وتفاصيل العقوبة البديلة.

إخلال المحكوم عليه بتنفيذ العقوبة الحبسية
ومن الجوانب العملية التي شددت الدورية على ضرورة الاهتمام بها، الجزاءات المترتبة عن إخلال المحكوم عليه بتنفيذ العقوبة الحبسية، إذ يجب التنصيص على أنه في هذه الحالة، تنفذ العقوبة الحبسية الأصلية أو ما تبقى منها، إلى جانب إشعار الأطراف، من خلال تبليغ النيابة العامة والمحكوم عليه ونائبه الشرعي إذا كان حدثا، والمؤسسة التي يوجد بها رهن الاعتقال أو الإيداع أو الهيئة المستقبلة.

وأشارت الدورية نفسها، إلى ضرورة إحالة المقررات القضائية إلى المؤسسة السجنية، في انتظار إرساء نظام معلوماتي مندمج من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لتداول مختلف الوثائق المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة.

احترام الآجال القانونية
وشددت الدورية على ضرورة احترام وضبط مختلف الآجال القانونية ذات الصلة بمراحل التنفيذ، سواء تعلق الأمر بالمقررات القضائية (إصدار المقرر التنفيذي يتم داخل أجل 10 أيام من تاريخ الإحالة من طرف النيابة العامة أو بالتبليغات (في حالة الإزالة الطارئة مثلا للقيد الإلكتروني لأسباب صحية يتعين على الطبيب إيداع تقرير في ظرف 24 ساعة أو بالمنازعات (المنازعة في مقررات قاضي تطبيق العقوبات يتم داخل أجل 3 أيام من تاريخ الإشعار، البت في منازعات التنفيذ يتم داخل أجل 15 يوما من تاريخ الإحالة الفورية للملف على المحكمة، المنازعة في قرارات وقف التنفيذ المؤقت يتم داخل أجل 5 أيام من تاريخ تبليغه، المنازعة في تغيير عقوبة المراقبة الإلكترونية لدواعي صحية يمارس داخل أجل 5 أيام من تاريخ تبليغه.

ومن أجل توفير فرص واقعية لتنفيذ العقوبات البديلة في آجال معقولة، تم تحديد مدد تنفيذها القانونية مع إمكانية تمديدها مرة واحدة. فالعمل لأجل المنفعة العامة مدته 6 أشهر قابلة للتمديد لمرة واحدة، لمدة مماثلة، والغرامة اليومية مدتها 6 أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة. أما التدابير العلاجية أو الرقابية فلمدة 6 أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة. وفي حالة الإذن بتقسيط الغرامة اليومية، ما لم يكن المحكوم عليه معتقلا، فيتعين أداء 50 في المائة من المبلغ فورا مع إمكانية جدولة الباقي.

قاض لتطبيق العقوبات البديلة
وأكدت الدورية أهمية تخصيص قاض لتطبيق العقوبات البديلة على مستوى كل محكمة بما يسمح له بالتفرغ للقيام بمهامه التنسيقية مع باقي المتدخلين، خاصة إدارة المؤسسة السجنية، وتتبع التنفيذ وفق المقتضيات القانونية والتنظيمية ذات الصلة، مع حرصه على التأكد من التأشير على السجلات المقررة قانونا.

واعتبرت الدورية أن نجاح تطبيق العقوبات البديلة مرتبط بتعزيز التنسيق الفعال بين قضاة الحكم وقضاة تطبيق العقوبات والنيابة العامة ومديري المؤسسات السجنية والمصالح أو المؤسسات المستقبلة للعمل أو العلاج أو التأهيل، إلى جانب الحرص على أن تكون الملفات الممسوكة من طرف قاضي تطبيق العقوبات مكتملة وتتضمن كل الوثائق والمعلومات الضرورية التي يتعين إحالة نسخة منها رفقة المقررات التنفيذية إلى المؤسسة السجنية، لتسهيل مهام الجهات المنفذة وتفادي أي لبس أو صعوبات مستقبلية.

أهداف العقوبات البديلة
ويهدف القانون الجديد بالأساس إلى التخفيف من الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية، وتقليص الضغط الواقع عليها، مع ضمان حقوق الضحايا والمجتمع في آن واحد. وتشمل العقوبات البديلة الخدمة لفائدة المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، الغرامات اليومية، وتقييد بعض الحقوق. وهي تدابير إصلاحية تستهدف إعادة إدماج المحكوم عليهم داخل المجتمع، بدل الاقتصار على العقوبات السجنية القصيرة التي أثبتت محدوديتها في الإصلاح والوقاية من العودة إلى الجريمة.

رؤية شمولية لإصلاح العدالة
وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية وطنية شاملة لإصلاح منظومة العدالة، تهدف إلى جعل العقوبة أداة للإصلاح والوقاية من العود، بدل الاقتصار على منطق الزجر.

ويعكس اعتماد هذا التوجه، إرادة المغرب في مواكبة المعايير الدولية لحقوق الإنسان وضمان شروط المحاكمة العادلة، بما يساهم في تحديث السياسة الجنائية الوطنية ويجعلها أكثر عدالة ونجاعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!